في صباحٍ هادئٍ كأنه استيقظ على أطراف حلم، امتدت يداه بلا تفكير إلى الطاولة الصغيرة بجانب السرير، حيث تعتاد الأشياء أن تكون في أماكنها. لم تلامس أصابعه سوى الفراغ. أغمض عينيه قليلاً، وكأنما يحاول استدعاء الصورة التي لا تزال عالقة في ذاكرته: نظارته السوداء، مستقرة، وديعة، كما كانت دائمًا. لكن الفراغ لم يزُل . فتح عينيه ببطء، وألقى نظرة متأنية حوله. بدا كل شيء كما ه…
Read moreالحياة .. لعبة غير مرئية، مُصمَّمة بقواعد خفية. إننا نسير في هذا العالم وكأننا نمتلك السيطرة، لكن واقع الأمر أننا نتحرك ضمن شبكة معقدة من التفاعلات، تحكمها ما يمكن أن نسميه قوانين الوجود. وفي عمق هذا الغموض، يمكن أن يسطع مفهوم "اللعبة". ليست لعبة بالمعنى التقليدي، لكنها أقرب إلى ما يُدرَّس في "نظرية الألعاب" Game Theory ، أحد أعقد الفروع في الريا…
Read moreتستمر الطبيعة في استدعاء الحزن بكل فصولها، وكأنها تقرع أبواب السماء بأجراس نحاسية صارخة، تسحب ضوء الربيع إلى متاهات الصمت، وتبسط ظلال السببية على مساحات الوجود. في تلك الظلال تنمو مخاوفنا، تلك المخاوف التي تبدو كأحزان متكررة تزورنا يومياً، لكنّها ليست سوى أقنعة واهية، واجهات خادعة تُخفي تحتها أعماق العالم السحيقة ، سرٌ قديم يهمس في أذن الوجود أن لا شيء يكتمل إلا بنقص…
Read moreسبتمبر مجددا.. يدعونا الشارع لحفلته السنوية للوجوه المرهقة ، تلك الوجوه التي تهيم في فضاءات المدينة كأشباح الماضي، تختفي خلف أقنعة صفراء تذوب تحت شمسٍ خافتة، يكشف عنها الخريف بتأنٍّ وكأنه يرثي ألوانها. اصفرار كينوني يكسو الأرواح قبل أن يغزو الأوراق، كأنما سبتمبر يبعث برسالة غير مرئية، تتحدث عن تهاوي الأقنعة الصيفية المتلاحق، عن سقوط مدوٍّ لحقيقة مؤقتة اختبأت طيلة ثلا…
Read moreعادةً، لا يسعى الناس الى اكتشاف الحقيقة بقدر ما يبحثون عن إشباع حاجاتهم الذاتية. هذه الكلمة، بمفهومها العميق والشامل، تظل غريبة عن القاموس الثقافي الشعبي، حيث يتجه الناس غالبًا إلى ما يرونه ضروريًا لوجودهم ورفاهيتهم. فيُعتبر التفتيش عن "الحقيقة" في أغلب الأحيان مسعى يخفي وراءه رغبات وحاجات شخصية؛ قد يكون ذلك البحث دافعًا لتحقيق السعادة، الاكتفاء، أو حتى إشب…
Read moreولدت مفعما بالألوان أواخر صيف سنة بعد الألفين كنت برعما لسنبلة أحمل قمح والدِي ولأمي أحمل بتلات الزهر نطقت بأولى كلماتي مبكرا و مذ ذلك وأنا خاوٍ من الكلام كبرت، وكاد يقطعني منجل شكٍ يوما أتى خريف تلو خريف تلاه شتاء ومطر و كبرت، حملت خطواتي خارج الحقل عندما أثارتني فراشة زرقاء هاربة لَحَقتُها، وعندما لم أعثر على شيءٍ منها قلتُ سَتنمو جناحيّ وأطيرُ مثلها نح…
Read moreلم يعد الموت يخيفني أو يقلقني منذ سنوات طويلة، يذهب الموتى و يحتفظ الاحياء بذكراهم إلى أن يموتوا هم أيضاً. الامر يشبه نهاية فيلم، سواء كان ذلك الفيلم جميلاً أو بشعاً، فنهايات الأفلام والقصص والحيوات هي نفسها. بعد الجينيريك تأتي شاشة سوداء محايدة، لا يعني سوادها أيّ إشارة إلى الحزن، ولا إلى الفرح، بقدر ما يعني النهاية فقط، نهاية الحزن ونهاية الفرح، نهاية الانتظار ون…
Read more